وهم الجامعون فاقة وذل المسألة وابن السبيل: وهم المنقطع بهم من المسافرين في غير معصية الله عز وجل.
وقد ذكرنا الرواية التي جاءت عن أهل التأويل بتأويل ذلك فيما مضى من كتابنا.
وقوله: كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم يقول جل ثناؤه. وجعلنا ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى لهذه الأصناف، كيلا يكون ذلك الفئ دولة يتداوله الأغنياء منكم بينهم، يصرفه هذا مرة في حاجات نفسه، وهذا مرة في أبو أب البر وسبل الخير، فيجعلون ذلك حيث شاءوا، ولكننا سننا فيه سنة لا تغير ولا تبدل.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار سوى أبي جعفر القارئ كيلا يكون دولة نصبا على ما وصفت من المعنى، وأن في يكون ذكر الفئ. وقوله:
دولة نصب خبر يكون، وقر ذلك أبو جعفر القارئ: كيلا يكون دولة على رفع الدولة مرفوعة بيكون، والخبر قوله: بين الأغنياء منكم وبضم الدال من دولة قرأ جميع قراء الأمصار، غير أنه حكي عن أبي عبد الرحمن الفتح فيها.
وقد اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى ذلك، إذا ضمت الدال أو فتحت، فقال بعض الكوفيين: معنى ذلك: إذا فتحت الدولة وتكون للجيش يهزم هذا هذا، ثم يهزم الهازم، فيقال: قد رجعت الدولة على هؤلاء قال: والدولة برفع الدال في الملك والسنين التي تغير وتبدل على الدهر، فتلك الدولة والدول. وقال بعضهم: فرق ما بين الضم والفتح أن الدولة: هي اسم الشئ الذي يتداول بعينه، والدولة الفعل.
والقراءة التي لا أستجيز غيرها في ذلك: كيلا يكون بالياء دولة بضم الدال ونصب الدولة على المعنى الذي ذكرت في ذلك لاجماع الحجة عليه، والفرق بين الدولة والدولة بضم الدال وفتحها ما ذكرت عن الكوفي في ذلك.
وقوله: وما آتاكم الرسول فخذوه يقول تعالى ذكره: وما أعطاكم رسول الله (ص) مما أفاء عليه من أهل القرى فخذوه وما نهاكم عنه من الغلول وغيره من الأمور فانتهوا وكان بعض أهل العلم يقول نحو قولنا في ذلك غير أنه كان يوجه معنى قوله وما آتاكم الرسول فخذوه إلى ما آتاكم من الغنائم. ذكر من قال ذلك: