فلما دخل العباس قال: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الغادر الخائن الفاجر، وهما جاءا يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من أعمال بني النضير، فقال القوم: اقض بينهما يا أمير المؤمنين، وأرح كل واحد منهما من صاحبه، فقد طالت خصومتهما، فقال:
أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض، أتعلمون أن رسول الله (ص) قال: لا نورث ما تركناه صدقة قالوا: قد قال ذلك ثم قال لهما: أتعلمان أن رسول الله (ص) قال ذلك؟
قالا: نعم قال: فسأخبركم بهذا الفئ إن الله خص نبيه (ص) بشئ لم يعطه غيره، فقال:
وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب فكانت هذه لرسول الله (ص) خاصة، فوالله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها دونكم، ولقد قسمها عليكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله (ص) ينفق على أهله منه سنتهم، ثم يجعل ما بقي في مال الله.
فإذا كانت هذه الآية التي قبلها مضت، وذكر المال الذي خص الله به رسوله (ص)، ولم يجعل لاحد معه شيئا، وكانت هذه الآية خبرا عن المال الذي جعله الله لأصناف شتى، كان معلوما بذلك أن المال الذي جعله لأصناف من خلقه غير المال الذي جعله للنبي (ص) خاصة، ولم يجعل له شريكا.
وقوله: ولذي القربى يقول: ولذي قرابة رسول الله (ص) من بني هاشم وبني المطلب واليتامى، وهم أهل الحاجة من أطفال المسلمين الذين لا مال لهم والمساكين: