وقد ذكرنا الرواية بذلك عنهما فيما مضى قبل.
والصواب من القول في ذلك أنه عام في المطلقات والمتوفي عنهن، لان الله وجل، عز عم بقوله بذلك فقال: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ولم يخصص بذلك الخبر عن مطلقة دون متوفي عنها، بل عم الخبر به عن جميع أولات الأحمال. إن ظن ظان أن قوله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن في سياق الخبر عن أحكام المطلقات دون المتوفى عنهن، فهو بالخبر عن حكم المطلقة أولى بالخبر عنهن، وعن المتوفى عنهن، فإن الامر بخلاف ما ظن، وذلك أن ذلك وإن كان في سياق الخبر عن أحكام المطلقات، فإنه منقطع عن الخبر عن أحكام المطلقات، بل هو خبر مبتدأ عن أحكام عدد جميع أولات الأحمال المطلقات منهن وغير المطلقات، ولا دلالة على أنه مراد به بعض الحوامل دون بعض من خبر ولا عقل، فهو على عمومه لما بينا.
وقوله: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا يقول جل ثناؤه: ومن يخف الله فرهبه، فاجتنب معاصيه، وأدى فرائضه، ولم يخالف إذنه في طلاق امرأته، فإنه يجعل الله له من طلاقه ذلك يسرا، وهو أن يسهل عليه إن أراد الرخصة لاتباع نفسه إياها الرجعة ما دامت في عدتها وإن انقضت عدتها، ثم دعته نفسه إليها قدر على خطبتها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا) *.
يقول تعالى ذكره: هذا الذي بينت لكم من حكم الطلاق والرجعة والعدة، أمر الله الذي أمركم به، أنزله إليكم أيها الناس، لتأتمروا له، وتعملوا به.
وقوله: ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته يقول: ومن يخف الله فيتقه باجتناب معاصيه، وأداء فرائضه، يمح الله عنه ذنوبه وسيئات أعماله ويعظم له أجرا يقول:
ويجزل له الثواب على عمله ذلك وتقواه، ومن إعظامه له الاجر عليه أن يدخله جنته، فيخلده فيها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف