من نسأت البعير: إذا زجرته ليزداد سيره، كما يقال: نسأت اللبن: إذا صببت عليه الماء، وهو النسئ. وكما يقال: نسأ الله في أجلك أي أدام الله في أيام حياتك.
قال أبو جعفر: وهما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وأن كنت أختار الهمز فيها لأنه الأصل.
وقوله: فلما خر تبينت الجن يقول عز وجل: فلما خر سليمان ساقطا بانكسار منسأته تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب الذي يدعون علمه ما لبثوا في العذاب المهين المذل حولا كاملا بعد موت سليمان، وهم يحسبون أن سليمان حي. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21976 حدثنا أحمد بن منصور، قال: ثنا موسى بن مسعود أبو حذيفة، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي (ص) قال: كان سليمان نبي الله إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه، فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول: كذا، فيقول: لأي شئ أنت؟ فإن كانت تغرس غرست، وإن كانت لدواء كتبت، فبينما هو يصلي ذات يوم، إذ رأى شجرة بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ قالت:
الخروب، قال: لأي شئ أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت، فقال سليمان: اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الانس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا ميتا، والجن تعمل، فأكلتها الأرضة، فسقط، فتبينت الانس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين قال: وكان ابن عباس يقرؤها كذلك، قال: فشكرت الجن للأرضة، فكانت تأتيها بالماء.
21977 حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب رسول الله (ص) قال: كان سليمان يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، يدخل طعامه وشرابه، فأدخله في المرة التي مات فيها، وذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه، إلا تنبت فيه