فكل حي من الاحياء المحسوسة والغيبية - عدا الانسان - له استعداد محدود وعلم إلهامي محدود وما كان كذلك لا يصلح ان يكون خليفة عن الذي لا حد لعلمه وارادته.
واما الانسان فقد خلقه الله ضعيفا وجاهلا ولكنه على ضعفه وجهله فهو يتصرف في الموجودات القوية، ويعلم جميع الأسماء بما وهبه الله من قدرة على النمو والتطور التدريجي في احساسه ومشاعره وادراكه، فتكون له السلطة على هذه الكائنات يسخرها ثم يذللها بعد ذلك كما تشاء قوته الغريبة التي يسمونها العقل ولا يعرفون حقيقتها ولا يدركون كنهها، فهذه القوة نجدها تغني الانسان عن كل ما وهب الله للحيوان في أصل الفطرة والالهام من الكساء والغذاء والأعضاء والقوة.
فالانسان بهذه القوة غير محدود الاستعداد ولا محدود الرغائب ولا محدود العلم ولا محدود العمل.
وكما أعطاه الله تعالى هذه المواهب أعطاه احكاما وشرائع حدد فيها أعماله واخلاقه، وهي في الوقت نفسه تساعده على بلوغ كماله لأنها مرشد للعقل الذي كان له كل تلك المزايا.
وبهذا كله استحق الانسان خلافة الله في الأرض وهو خلق المخلوقات بها، ونحن نشاهد في عصرنا آثار هذه الخلافة بما فعله الانسان من تطوير وسيطرة وتصرف في الكون.
وحين أودع الله في فطرة آدم علم الأشياء من غير تحديد عرض الأشياء على الملائكة وأطلعهم عليها اطلاعا اجماليا، ثم طالبهم بمعرفتها والانباء بها وإذا بهم يظهرون التسليم والخضوع والعجز والاعتراف.
وعند ذلك أمر الله آدم أن ينبئهم بالأشياء ففعل، وذلك لتتكشف لهم الحقيقة