شئ عليم، لان هذا هو موقف جميع المخلوقات تجاهه لأنه العالم المحيط بكل المصالح والحكم.
2 - على أن هذا النوع من الخضوع والتسليم الذي ينشأ من معرفة الملائكة بإحاطة الله بكل شئ قد لا يذهب الحيرة ولا يزيل الاضطراب، وانما تسكن النفس باظهار الحكمة والسر الذي يختفي وراء الفعل الذي حصل منه تعجب الملائكة.
ولذلك تفضل الله سبحانه على الملائكة بأن أوضح لهم السر، وأكمل علمهم ببيان الحكمة في هذا الخلق، فأودع في نفس آدم وفطرته علم جميع الأشياء من غير تحديد ولا تعيين الامر الذي جعل لادم امتيازا خاصا استحق به الخلافة عن الله في الأرض.
ويظهر هذا الامتياز حين نقارن بين الانسان وبين المخلوقات لله سبحانه، فقد نطق الوحي ودل العيان والاختبار على أن الله تعالى خلق العالم انواعا مختلفة وخص كل نوع منها بقدرات ومواهب، ولكن الانسان مع ذلك يختلف عنها في أنه لما منحه الله من قدرات ومواهب ليست لها حدود معينة لا يتعداها على خلاف بقية المخلوقات.
فالملائكة - الذي لا تتمكن من معرفة حقيقتهم الا عن طريق الوحي - لهم وظائف محدودة - كما دلت الآيات والأحاديث - فهم يسبحون الله ليلا ونهارا وهم صافون ويفعلون ما يؤمرون إلى غير ذلك من الأعمال المحدودة.
3 - وما نعرفه بالنظر والاختبار عن حال الحيوان والنبات والجماد، فإنها بين ما يكون لا علم له ولا عمل كالجماد، أو يكون له عمل معين يختص به نفسه دون ان يكون له علم وإرادة، ولو فرض ان له علما أو إرادة فهما لا أثر لهما في جعل عملهما مبينا لحكم الله وسنته في الخلق ولا وسيلة لبيان احكامه وتنفيذها.