والاكتساب، فلا يحسن تحدي الملائكة بها، إذ لا دلالة في تعليمها آدم على وجود موهبة خاصة فيه يتمكن بها من معرفة الأسماء، وهذا على خلاف ما إذا قلنا: إن المقصود منها المسميات، فإنها مما يمكن ادراكه ولو جزئيا - عن طريق اعمال العقل الذي يعد موهبة خاصة فيكون لمعرفة آدم بها دلالة على موهبة خاصة منحه الله إياها.
قال الطوسي: " إن الأسماء بلا معان لا فائدة فيها ولا وجه لايثاره الفضيلة بها " (1). وقال الرازي: " وذلك لان العقل لا طريق له إلى معرفة اللغات البتة، بل ذلك لا يحصل الا بالتعليم فان حصل التعليم حصل العلم به والا فلا، اما العلم بحقائق الأشياء فالعقل متمكن من تحصيله فصح وقوع التحدي فيه " (2).
ج - عجز الملائكة عن مواجهة التحدي، لان هذه الأسماء لو كانت الفاظا لتوصل الملائكة إلى معرفتها بأنباء آدم لهم بها، وهم بذلك يتساوون مع آدم فلا تبقى له مزية وفضيلة عليهم، فلا بد لنا من أن نلتزم بأنها أشياء تختلف مراتب العلم بها، الامر الذي أدى إلى أن يعرفها آدم معرفة خاصة تختلف عن معرفة الملائكة لها حين اخباره لهم بها، وهذا يدعونا لان نقول إنها عبارة عن المسميات لا الألفاظ، قال العلامة الطباطبائي بصدد شرح هذه الفكرة: " ان قوله تعالى:
(وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم...) يشعر بان هذه الأسماء أو ان مسمياتها كانت موجودات احياء عقلاء محجوبين تحت حجاب الغيب، وان العلم بأسمائهم كان غير العلم الذي عندنا بأسماء الأشياء والا كانت بأنباء آدم إياهم بها عالمين بها وصائرين مثل آدم مساوين معه " (3).