يكن لهم شهداء الا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين) (١) فكان السبب متعددا والمنزل واحد.
وفي حالة تعدد السبب قد يوجد فاصل زمني كبير بين أحد السببين والاخر، فيؤدي السبب الأول إلى نزول الآية فعلا، ثم يتجدد نزولها حينما يوجد السبب الثاني بعد ذلك بمدة، فيكون السبب متعددا والنزول متعددا وان كانت الآية النازلة في المرتين واحدة.
ويقال: إن سورة الاخلاص من هذا القبيل إذ نزلت مرتين، إحداهما: بمكة جوابا للمشكرين من أهلها، والاخرى بالمدينة جوابا لأهل الكتاب الذين جاورهم النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الهجرة.
وكما يتعدد السبب والمنزل واحد كذلك قد يتفق كون السبب واحدا لايات متفرقة فقد روي أن أم سلمة قالت للنبي (صلى الله عليه وآله) يا رسول الله لا اسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشئ فنزل قوله تعالى: ﴿فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب﴾ (٢) ونزل قوله تعالى: ﴿ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات...﴾ (3).
فهاتان آيتان متفرقتان نزلتا بسبب واحد ادرجت إحداهما في سورة آل عمران، والاخرى في سورة الأحزاب، وبذلك كان السبب في النزول واحدا وهو حديث أم سلمة مع النبي والمنزل متعدد.