الأولى: إن المراد من اختصاصهم بهذا العلم كما هو مقتضى الجمع بين هذه الروايات هو اختصاص العلم ب (جميع) تفسير القرآن و (كل) القرآن بهذا المعنى الواسع الذي أشرنا إليه، لا أن القرآن لا يفهمه غير أهل البيت (عليهم السلام)، ولذا جاء التعبير بهذا الاختصاص مقرونا - أحيانا - بكلمة (كل) و (جميع) (1)، وجاء هذا التعبير مقرونا - أحيانا أخرى - ببيان تفصيل أبعاد هذا العلم (2).
وهذا المعنى لا ينافي - كما ذكرنا - أن يكون القرآن هاديا للبشرية ولجميع الناس، حيث يمكن للناس أن يفهموا القرآن ويرجعوا إليه فيما يعرفونه من معانيه، وفق الضوابط والقوانين العلمية الصحيحة.
الثانية: أن أهل البيت في الكثير من هذه الروايات كانوا يحاولون معالجة الواقع الخطير الذي كان عليه بعض المفسرين للقرآن الذين اعتمدوا على الرأي والظنون دون الرجوع إلى الضوابط العلمية والسنة المروية والعترة الطاهرة التي جعلها النبي الأكرم مرجعا للمسلمين والثقل الاخر الذي لا يفترق عن القرآن الكريم. فأهل البيت أنكروا على بعض المسلمين العدول عن العلم إلى الظن، وهذا غير جائز باجماع المسلمين.
الثالثة: أن من الطبيعي أن يكون أهل البيت (عليهم السلام) لهم هذا النوع من الاختصاص إذا أخذنا التفسير بمعناه الواسع الذي أشرنا إليه.
فكما صح أن يكون هذا النوع من الاختصاص ليوسف (عليه السلام) وهو من أنبياء بني إسرائيل، أو يكون لعبد من عباد الله الصالحين آتاه الله العلم والمعرفة، يمكن أن يكون هذا الامر للأئمة الطاهرين وهم ورثة النبي في علمه.