ومن هنا فلا يمكن أن يفهم القرآن الكريم بشكل صحيح دون الإحاطة الكاملة بكل هذه الابعاد والجوانب (العام والخاص) و (الناسخ والمنسوخ)...
وفي جانب آخر اقتضت الحكمة الإلهية في نزول القرآن الكريم أن يكون مشتملا على الآيات (المحكمة) التي هي أم الكتاب والاخرى (المتشابهة) التي لا بد من ارجاعها إلى الآيات المحكمة لفهمها والاستفادة منها (1) حيث تعتمد عملية تقريب الصورة للمعاني القرآنية واحاطتها بالابعاد المتعددة للمعنى على هذه الآيات المتشابهة إضافة إلى أن طبيعة المداليل اللفظية تقبل الاحتمالات المتعددة - كما سوف نشير إليه في بحث قريب - الامر الذي يفرض التشابه في الكلام ومن ثم يمكن تحديد الصورة وفهمها بشكل كامل من خلال الرجوع إلى المحكمات أو المقارنة بين المتشابهات المتعددة.
وعلى هذا الأساس كان يوجه أهل البيت الانتقاد إلى أولئك المفسرين الذين كانوا يمارسون عملية التفسير دون هذه الإحاطة.
ففي رواية رواها البرقي في المحاسن عن أبي الوليد البحراني ثم البحري، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أن رجلا قال له: أأنت الذي تقول ليس شئ من كتاب الله إلا معروف؟ " قال: ليس هكذا قلت. إنما قلت: ليس شئ من كتاب الله إلا عليه دليل ناطق عن الله في كتابه مما لا يعلمه الناس... إلى أن قال: إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومعانيا وناسخا ومنسوخا ومحكما ومتشابها وسننا وأمثالا وفصلا ووصلا