" حسرة " على تضييع نعمة الهداية. " حسرة " على تضييع جوهر الإنسانية، " حسرة " على تضييع حاسة التشخيص إلى حد رؤية القبيح جميلا، وأخيرا " حسرة " على الوقوع في نار الغضب والقهر الإلهي.
ولكن لماذا لا ينبغي أن تتحسر عليهم؟! ذلك لأجل إن الله عليم بما يصنعون.
واضح من نبرة الآية شدة تحرق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على الضالين والمنحرفين، وكذلك هي حال القائد الإلهي المخلص يتألم لعدم تقبل الناس الحق وتسليمهم للباطل، وضربهم بكل أسباب السعادة عرض الجدار، إلى حد كأن روحه تريد أن تفارق بدنه.
واستنادا إلى البحوث التي سبقت حول الهداية والضلالة والإيمان والكفر، تنتقل الآية التالية إلى بحث المبدأ والمعاد بعبارات مضغوطة، وتقرن آيات المبدأ بإثبات المعاد بدليل واحد ملفت للنظر، تقول الآية الكريمة: والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا (1) فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور.
نظام دقيق يتحكم في حركة الرياح، ثم في حركة السحاب، ثم في نزول قطرات المطر الباعثة للحياة، ثم في حياة الأرض الميتة، وهو أحسن دليل على أن يد القدرة الحكيمة هي من وراء ذلك النظام تقوم على تدبير أموره.
أولا، تؤمر الرياح الحارة بالتحرك من المناطق الإستوائية إلى المناطق الباردة، وفي مسيرها تحمل معها بخار الماء من البحار وتطلقه في السماء، بعدئذ تتحرك بجريانات منظمة للبرد القطبي الذي يعاكس دوما إتجاه الحركة الأول، وتؤمر