طرح بعض المفسرين هذا السؤال، وهو أن المانع الأساسي من استمرار الحركة هو السد الذي يكون أمام الإنسان، فما معنى السد من الخلف؟
وأجاب بعضهم قائلا: " إن الإنسان له هداية فطرية ووجدانية - وهداية نظرية استدلالية - فكأنه تعالى يقول: " جعلنا من بين أيديهم سدا " أي: حرمناهم من سلوك سبيل الهداية النظرية " وجعلنا من خلفهم سدا " أي: منعناهم من العودة إلى الهداية الفطرية (1).
وقال البعض الآخر: ان السد من بين أيديهم إشارة إلى الموانع التي تمنعهم من الوصول إلى الآخرة وسلوك طريق السعادة الخالدة، وأما السد من خلفهم فهو الذي يصدهم عن تحصيل السعادة الدنيوية (2).
كذلك يحتمل التفسير التالي أيضا، وهو إن السالك إذا انسد الطريق الذي قدامه فقد فاته المقصد ولكنه يرجع ليبحث عن طريق آخر يوصله إلى المقصد، فإذا أغلق الطريق من خلفه ومن قدامه فسوف يكون محروما من الوصول إلى المقصد حتما.
وفي الثنايا يتضح الجواب أيضا على السؤال التالي: وهو لماذا لم يذكر السدود عن اليمين والشمال؟ ذلك لأن الإنسان لا يصل إلى المقصد الذي أمامه بالسير يمينا أو شمالا، إضافة إلى أن السد عادة يبنى في مكان يكون طرفاه الأيمن والأيسر مغلقين، والممر الوحيد هو مكان السد الذي ينغلق هو الآخر بوجوده، فيكون الإنسان في حصار كامل عمليا.
3 3 - الحرمان من السير الآفاقي والأنفسي هناك طريقان معروفان لمعرفة الله، الأول التأمل والتفكر في آثار الله في جسم الإنسان وروحه، وتلك " الآيات الأنفسية "، والثاني التأمل في الآيات الخارجية