وفي حديث عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أن ابن عباس سأله عن النعم الظاهرة والباطنة فقال (صلى الله عليه وآله): " يا ابن عباس، أما ما ظهر فالإسلام وما سوى الله من خلقك، وما أفاض عليك من الرزق، وأما ما بطن فستر مساوئ عملك ولم يفضحك به " (1).
وفي حديث آخر عن الباقر (عليه السلام): " النعمة الظاهرة: النبي (صلى الله عليه وآله) وما جاء به النبي من معرفة الله، وأما النعمة الباطنة ولايتنا أهل البيت وعقد مودتنا " (2).
إلا أنه لا توجد أية منافاة بين هذه التفاسير في الحقيقة، وكل منها يبين مصداقا بارزا للنعمة الظاهرة والنعمة الباطنة دون أن يحدد معناها الواسع.
وتتحدث الآية في النهاية عمن يكفر بالنعم الإلهية الكبيرة العظيمة، والتي تحيط الإنسان من كل جانب، ويهب إلى الجدال ومحاربة الحق، فتقول: من الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وبدل أن يعرف ويقدر هبة وعطاء كل هذه النعم الظاهرة والباطنة، فإنه يتجه إلى الشرك والجحود نتيجة الجهل.
ولكن ما هو الفرق بين " العلم " و " الهدى " و " الكتاب المنير "؟
لعل أفضل ما يمكن أن يقال في ذلك هو أن " العلم ": إشارة إلى الإدراكات التي يدركها الإنسان عن طريق عقله، و " الهدى ": إشارة إلى المعلمين والقادة الربانيين والسماويين، والعلماء الذين يأخذون بيده في هذا المسير ويوصلونه إلى الغاية والهدف، والمراد من " الكتاب المنير ": الكتب السماوية التي تملأ قلب الإنسان نورا عن طريق الوحي.
إن هذه الجماعة العنيدة في الحقيقة لا يمتلكون علما، ولا يتبعون مرشدا وهاديا، ولا يستلهمون من الوحي الإلهي، ولما كانت طرق الهداية منحصرة بهذه