استبعاد القيم المرتبطة بالقبيلة والعشيرة، تشير إلى هذه الثورة الفكرية والاعتبارية. فاستنادا إلى هذه الآية (الحجرات - 13) فليس هناك شئ غير التقوى، والإيمان المقترن بالشعور بالمسؤولية، وصلاح العمل، ليس سوى ذلك معيارا لتقييم شخصية الإنسان وقربه من الله تعالى. وكل من كان له نصيب أكبر من ذلك كان إلى الله أقرب وعنده أكرم.
والملفت للنظر أن محيط الجزيرة العربية كان قبل نزول التعاليم الإسلامية القرآنية السامية - بتأثير هيمنة القيم الظالمة - خاضعا لأصحاب الأموال والكذبة من أمثال أبي سفيان وأبي جهل وأبي لهب. ولكن بعد ثورة القيم ظهر من نفس ذلك المحيط أمثال أبي ذر وعمار والمقداد (رضوان الله عليهم).
الجميل أن القرآن المجيد في سورة " الزخرف " وبعد ذكر الآيات التي أوردناها آنفا يقول: ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين (1).
هذا كله لكي لا تحل القيم المزيفة محل القيم الإنسانية الواقعية.
* * *