ظلم عظيم، وقد أحيط بالتأكيد من عدة جهات (1).
وأي ظلم أعظم منه، حيث جعلوا موجودات لا قيمة لها في مصاف الله ودرجته، هذا من جانب، ومن جانب آخر يجرون الناس إلى الضلال والانحراف، ويظلمونهم بجناياتهم وجرائمهم، وهم يظلمون أنفسهم أيضا حيث ينزلونها من قمة عزة العبودية لله ويهوون بها إلى منحدر ذلة العبودية لغيره.
والآيتان التاليتان جمل معترضة ذكرها الله تعالى في طيات مواعظ لقمان، لكن هذا الاعتراض لا يعني عدم الاتصال وارتباط، بل يعني الصلة الواضحة لكلام الله عز وجل بكلام لقمان، لأن في هاتين الآيتين بحثا عن نعمة وجود الوالدين ومشاقهما وخدماتهما وحقوقهما، وجعل شكر الوالدين في درجة شكر الله.
إضافة إلى أنهما تعتبران تأكيدا على كون مواعظ لقمان لابنه خالصة، لأن الوالدين مع هذه العلاقة القوية وخلوص النية لا يمكن أن يذكرا في مواعظهما إلا ما فيه خير وصلاح الولد، فتقول أولا: ووصينا الإنسان بوالديه وعندئذ تشير إلى جهود ومتاعب الام العظيمة، فتقول: حملته امه وهنا على وهن (2).
وهذه المسألة قد ثبتت من الناحية العلمية، إذ أوضحت التجارب أن الأمهات في فترة الحمل يصبن بالضعف والوهن، لأنهن يصرفن خلاصة وجودهن في تغذية وتنمية الجنين، ويقدمن له من موادهن الحياتية أفضلها، ولذلك فإن الأمهات أثناء فترة الحمل يبتلين بنقص أنواع الفيتامينات وفي حالة عدم تعويض هذا النقص فسيؤدي إلى آلام ومتاعب كثيرة.
وهذا الأمر يستمر حتى في فترة الرضاعة، لأن اللبن عصارة وجود الام، ولهذا تضيف بعد ذلك فترة رضاعه سنتان وفصاله في عامين كما أشير إلى ذلك في