عواطفهما القوية، قل ما يهملوا أولادهما بيد النسيان، في حين يلاحظ بكثرة أن الأولاد ينسون الأبوين، وخاصة عند الكبر والعجز، وتعتبر هذه آلم وأشد حالة لهما، وأسوأ صور كفران النعمة بالنسبة للأولاد (1).
إن الوصية بالإحسان إلى الأبوين قد توجد الاشتباه والوهم عند البعض وذلك حينما يظن أنه يجب مداراتهما واتباعهما حتى في مسألة العقيدة والكفر والإيمان، لكن الآية التالية تقول: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما فيجب أن لا تكون علاقة الإنسان بأمه وأبيه مقدمة على علاقته بالله مطلقا، وأن لا تكون عواطف القرابة حاكمة على عقيدته الدينية أبدا.
جملة جاهداك إشارة إلى أن الأبوين قد يظنان أحيانا أنهما يريدان سعادة الولد، ويسعيان إلى جره إلى عقيدتهما المنحرفة والإيمان بها، وهذا يلاحظ لدى كل الآباء والأمهات.
إن واجب الأولاد أن لا يستسلموا أبدا أمام هذه الضغوط، ويجب أن يحافظوا على استقلالهم الفكري، ولا يساوموا على عقيدة التوحيد، أو يبدلوها بأي شئ.
ثم إن جملة ما ليس لك به علم تشير ضمنا إلى أننا لو نتجاهل أدلة بطلان الشرك، ولم نقم لها وزنا، فإنه لا يوجد دليل على إثباته، ولا يستطيع أي متعنت إثبات الشرك بالدليل.
وإذا تجاوزنا ذلك، فإن الشرك إن كانت له حقيقة، فينبغي أن يكون هناك دليل على إثباته، ولما لم يكن هناك دليل على إثباته، فإن هذا بنفسه دليل على بطلانه.
ولما كان من الممكن أيضا أن يوجد هذا الأمر توهم وجوب استخدام الخشونة مع الوالدين المشركين وعدم احترامهما، ولذلك أضافت الآية أن عدم طاعتهما في مسألة الشرك ليس دليلا على وجوب قطع العلاقة معهما، بل تأمره الآية أن