ثم تبين الآية الحكم الخامس بأنه وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله فبالرغم من أن هذا العمل قد ذكر في نفس الآية، وهو الذهاب إلى بيت النبي (صلى الله عليه وآله) في وقت غير مناسب، والجلوس بعد تناول الطعام، فقد ورد في روايات سبب النزول أن بعض المنافقين كانوا قد أقسموا على أن يتزوجوا نساء النبي من بعده، وقد آلم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولكن معنى الآية عام على كل حال، فهو يشمل كل نوع من الأذى.
وأخيرا تبين الآية الحكم السادس والأخير في مجال حرمة الزواج بنساء النبي من بعده، فقالت: ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما.
وهنا يأتي سؤال، وهو: كيف حرم الله نساء النبي من اتخاذ زوج لهن بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد كان بعضهن شابات تقريبا؟
وجواب هذا السؤال يتضح بملاحظة الغاية من هذا التحريم، وذلك لأنه:
أولا: كما علمنا من سبب النزول، فإن البعض صمم على هذا العمل كانتقام من النبي (صلى الله عليه وآله) وإهانة لقدسيته، وكانوا يريدون أن ينزلوا ضربة بكيانه (صلى الله عليه وآله) عن هذا الطريق.
ثانيا: لو كانت هذه المسألة جائزة، فإن جماعة كانوا سيتخذون زوجان النبي أزواجا لهم من بعده، وكان من الممكن أن يستغلوا هذا الزواج لتحقيق مآربهم والوصول إلى مكانة اجتماعية مرموقة. أو أنهم يبدؤون بتحريف الإسلام على أساس أنهم يمتلكون معلومات خاصة صادرة من داخل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وأهل البيت أدرى بالذي فيه، أو أن يبث المنافقون بين الناس مطالب عن هذا الطريق تخالف مقام النبوة - تأملوا ذلك -.
ونلمس ذلك بصورة أوضح عندما نعلم أن جماعة هيأوا أنفسهم للقيام بهذا العمل، وصرح بذلك بعضهم، وكتمه البعض الآخر في قلبه. وكان من جملة من