تتحدثون بعد تناول الطعام، سواء كان ذلك في بيت النبي، أم في بيت أي صاحب دعوة.
طبعا، قد يرغب المضيفون في مثل هذه الحلقات والمجالس، فهذه الحالة مستثناة، إنما الكلام في ما لو كانت الدعوة لتناول الطعام فقط، لا لتشكيل مجالس الانس، حيث تجب مغادرته بعد تناول الطعام، خاصة إذا كان البيت كبيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مقر أداء أكبر رسالات الله وأعظمها، فيجب أن لا يهدر وقته بأمور جانبية تعوقه مدة عن تأدية رسالته.
ثم تبين الآية علة هذا الحكم فتقول: إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق.
من المسلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن يتردد لحظة، ولا يخشى شيئا، أو يستحيي من شئ في بيان الحق في الموارد التي لم يكن لها بعد شخصي وخاص، إلا أن بيان الحق إذا كان يعود على القائل نفسه ليس بالأمر الجميل الحسن، أما تبيانه من قبل الآخرين فإنه رائع ومستحسن، ومورد الآية من هذا القبيل أيضا، فإن أصول الأخلاق والأدب كانت توجب على النبي (صلى الله عليه وآله) أن لا يدافع عن نفسه، بل يدافع الله سبحانه عنه.
ثم تبين الآية الحكم الرابع في باب الحجاب، فتقول: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب.
قلنا: إن هذا الأمر كان ولا يزال متعارفا بين العرب وكثير من الناس أنهم إذا احتاجوا شيئا من لوازم الحياة ووسائلها فإنهم يستعيرونها من جيرانهم مؤقتا، ولم يكن بيت النبي مستثنى من هذا القانون، بل كانوا يأتون إليه سواء كان الوقت مناسبا أم غير مناسب، ويستعيرون من نساء النبي شيئا، ومن الواضح أن جعل نساء النبي عرضة لأنظار الناس - وإن كن يرتدين الحجاب الإسلامي - لم يكن بالأمر الحسن، ولذلك صدر الأمر إلى الناس أن يأخذوا الأشياء من خلف حجاب