للآخرين، بل المراد أن العالم ينبغي أن يتقي هذا العمل بصورة آكد.
إن هذا التعبير يبين أن جاهلية أخرى ستأتي كالجاهلية الأولى التي ذكرها القرآن، ونحن نرى اليوم آثار هذا التنبؤ القرآني في عالم التمدن المادي، إلا أن المفسرين القدامى لم يتنبأوا ويعلموا بمثل هذا الأمر، لذلك فقد جهدوا في تفسير هذه الكلمة، ولذلك اعتبر البعض منهم الجاهلية الأولى هي الفاصلة بين " آدم " و " نوح "، أو الفاصلة بين عصر " داود " و " سليمان " حيث كانت النساء تخرج بثياب يتضح منها البدن، وفسروا الجاهلية العربية قبل الإسلام بالجاهلية الثانية!
ولكن لا حاجة إلى هذه الكلمات كما قلنا، بل الظاهر أن الجاهلية الأولى هي الجاهلية قبل الإسلام، والتي أشير إليها في موضع آخر من القرآن الكريم - في الآية (143) من سورة آل عمران، والآية (50) من سورة المائدة، والآية (26) من سورة الفتح - والجاهلية الثانية هي الجاهلية التي ستكون فيما بعد، كجاهلية عصرنا. وسنبسط الكلام حول هذا الموضوع في بحث الملاحظات.
وأخير يصدر الأمر الرابع والخامس والسادس، فيقول سبحانه: وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله.
إذا كانت الآية قد أكدت على الصلاة والزكاة من بين العبادات، فإنما ذلك لكون الصلاة أهم وسائل الاتصال وارتباط بالخالق عز وجل، وتعتبر الزكاة علاقة متينة بخلق الله، وهي في الوقت نفسه عبادة عظيمة. وأما جملة: أطعن الله ورسوله فإنه حكم كلي يشمل كل البرامج الإلهية.
إن هذه الأوامر الثلاثة تشير إلى أن الأحكام المذكورة ليست مختصة بنساء النبي، بل هي للجميع، وإن أكدت عليهن.
ويضيف الله سبحانه في نهاية الآية: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
إن التعبير ب (إنما) والذي يدل على الحصر عادة - دليل على أن هذه المنقبة