اتقيتن فإن انتسابكن إلى النبي من جانب، ووجودكن في منزل الوحي وسماع آيات القرآن وتعليمات الإسلام من جانب آخر، قد منحكن موقعا خاصا بحيث تقدرن على أن تكن نموذجا وقدوة لكل النساء، سواء كان ذلك في مسير التقوى أم مسير المعصية، وبناء على هذا ينبغي أن تدركن موقعكن، ولا تنسين مسؤولياتكن الملقاة على عاتقكن، واعلمن أنكن إن اتقيتن فلكن عند الله المقام المحمود.
وبعد هذه المقدمة التي هيأتهن لتقبل المسؤوليات وتحملها، فإنه تعالى أصدر أول أمر في مجال العفة، ويؤكد على مسألة دقيقة لتتضح المسائل الأخرى في هذا المجال تلقائيا، فيقول:
فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض بل تكلمن عند تحدثكن بجد وبأسلوب عادي، لا كالنساء المتميعات اللائي يسعين من خلال حديثهن الملئ بالعبارات المحركة للشهوة، والتي قد تقترن بترخيم الصوت وأداء بعض الحركات المهيجة، أن يدفعن ذوي الشهوات إلى الفساد وارتكاب المعاصي.
إن التعبير ب الذي في قلبه مرض تعبير بليغ جدا، ومؤد لحقيقة أن الغريزة الجنسية عندما تكون في حدود الاعتدال والمشروعية فهي عين السلامة، أما عندما تتعدى هذا الحد فإنها ستكون مرضا قد يصل إلى حد الجنون، والذي يعبرون عنه بالجنون الجنسي، وقد فصل العلماء اليوم أنواعا وأقساما من هذا المرض النفسي الذي يتولد من طغيان هذه الغريزة، والخضوع للمفاسد الجنسية والبيئات المنحطة الملوثة.
ويبين الأمر الثاني في نهاية الآية فيقول عز وجل: يجب عليكن التحدث مع الآخرين بشكل لائق ومرضي لله ورسوله، ومقترنا مع الحق والعدل: وقلن قولا معروفا.
إن جملة لا تخضعن بالقول إشارة إلى طريقة التحدث، وجملة: وقلن قولا