المسلمون بتضحيات الفدائيين الثائرين ودماء الشهداء الطاهرة، في الوقت الذي يعيش هنا وهناك أناس في غاية العسرة والشظف.
وبغض النظر عن ذلك، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) يجب أن لا يكون لوحده أسوة للناس بحكم الآيات السابقة، بل يجب أن تكون عائلته أسوة لباقي العوائل أيضا، ونساؤه قدوة للنساء المؤمنات حتى تقوم القيامة، فليس النبي (صلى الله عليه وآله) ملكا وإمبراطورا ليكون له جناح خاص للنساء، ويغرق نساءه بالحلي والمجوهرات الثمينة النفيسة.
وربما كان هناك جماعة من المسلمين المهاجرين الذين وردوا المدينة لا يزالون يقضون ليلهم على الصفة (وهي مكان خاص كان إلى جنب مسجد النبي) حتى الصباح، ولم يكن لهم في تلك المدينة أهل ولا دار، وفي مثل هذه الأحوال لا يمكن أن يسمح النبي (صلى الله عليه وآله) لأزواجه أن يتوقعن كل تلك الرفاهية والتوقعات الأخرى.
ويستفاد من بعض الروايات أن بعض أزواجه قد كلمنه بكلام خشن جاف، حتى أنهن قلن: لعلك تظن إن طلقتنا لا نجد زوجا من قومنا غيرك (1). هنا أمر النبي (صلى الله عليه وآله) أن يواجه هذه المسألة بحزم تام، ويوضح لهن حاله الدائمي، فخاطبت الآية الأولى من الآيات أعلاه النبي (صلى الله عليه وآله) وقالت: يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا.
" أمتعكن " من مادة متعة، وكما قلنا في الآية (236) من سورة البقرة، فإنها تعني الهدية التي تلائم أحوال المرأة. والمراد هنا المقدار المناسب الذي يضاف على المهر، وإن لم يكن المهر معينا فإنه يعطيها هدية لائقة بحالها بحيث ترضيها وتسرها، ويتم طلاقها وفراقها في جو هادئ مفعم بالحب.
" السراح " في الأصل من مادة (سرح) أي الشجرة التي لها ورق وثمر، و