إلى الأبد.
وقد أشارت الآيات - مورد البحث - إشارة مختصرة ودقيقة إلى هذه الحادثة، وكما قلنا فإن هذه الآيات نزلت بعد الانتصار، وأوضحت أن هذه الحادثة كانت نعمة وموهبة إلهية عظيمة، فتقول الآية أولا: وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم.
" الصياصي " جمع (صيصية)، أي: القلعة المحكمة، ثم أطلقت على كل وسيلة دفاعية، كقرون البقر، ومخالب الديك. ويتضح هنا أن اليهود كانوا قد بنوا قلاعهم وحصونهم إلى جانب المدينة في نقطة مرتفعة، والتعبير ب (أنزل) يدل على هذا المعنى.
ثم تضيف الآية: وقذف في قلوبهم الرعب وأخيرا بلغ أمرهم أنكم فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم.
إن هذه الجمل تمثل مختصرا وجانبا من نتائج غزوة بني قريظة، حيث قتل جمع من أولئك الخائنين على يد المسلمين، وأسر آخرون، وغنم المسلمون منهم غنائم كثيرة من جملتها أراضيهم وديارهم وأموالهم.
والتعبير عن هذه الغنائم ب " الإرث " لأن المسلمين لم يبذلوا كثير جهد للحصول عليها، وسقطت في أيديهم بسهولة كل تلك الغنائم التي كانت حصيلة سنين طويلة من ظلم وجور اليهود واستثماراتهم في المدينة.
وتقول الآية في النهاية: وأرضا لم تطؤوها وكان الله على كل شئ قديرا.
هناك اختلاف بين المفسرين في المقصود من أرضا لم تطؤوها وأي أرض هي؟
فاعتبرها البعض إشارة إلى أرض خيبر التي فتحت على أيدي المسلمين فيما بعد.
واعتبرها آخرون إشارة إلى أرض مكة.