كتبها المفسرون بصورة منفصلة:
فمن جملتها، أن المراد المصائب والآلام والمشقة.
أو القحط والجفاف الشديد الذي دام سبع سنين وابتلي به المشركون في مكة حتى اضطروا إلى أكل أجساد الموتى!
أو الضربة القاصمة التي نزلت عليهم في غزوة بدر، وأمثال ذلك.
أما ما احتمله البعض من أن المراد عذاب القبر، أو العقاب في الرجعة فلا يبدو صحيحا، لأنه لا يناسب جملة لعلهم يرجعون أي عن أعمالهم.
من البديهي أن العذاب موجود في هذه الدنيا أيضا، بحيث إذا نزل أغلقت أبواب التوبة، وهو عذاب الاستئصال، أي العذاب والعقوبات التي تنزل لفناء الأقوام العاصين حينما لا تنفع ولا تؤثر فيهم أي وسيلة توعية وتنبيه.
وأما " العذاب الأكبر " فيعني عذاب يوم القيامة الذي يفوق كل عذاب حجما وألما.
وهناك التفاتة أشار إليها بعض المفسرين في أنه لماذا جعل " الأدنى " في مقابل " الأكبر "، في حين أنه يجب إما أن يقع الأدنى مقابل الأبعد، أو الأصغر في مقابل الأكبر؟
وذلك أن لعذاب الدنيا صفتين: كونه صغيرا، وقريبا، وليس من المناسب التأكيد على صغره عند التهديد، بل يجب التأكيد على قربه. ولعذاب الآخرة صفتان أيضا:
كونه بعيدا وكبيرا، والمناسب في شأنه التأكيد على كبره وعظمته لا بعده - تأملوا جيدا -.
وتقدم أن التعبير ب (لعل) في جملة لعلهم يرجعون بسبب أن الإحساس بالعقوبات التحذيرية ليس علة تامة للوعي واليقظة، بل هو جزء العلة، ويحتاج إلى أرضية مهيأة، وبدون هذا الشرط لا يحقق النتيجة المطلوبة، وكلمة (لعل) إشارة إلى هذه الحقيقة.