إلى الله سبحانه: الله يتوفى الأنفس حين موتها، (1) وفي بعضها إلى مجموعة من الملائكة: الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم.... (2) وفي الآيات مورد البحث نسب قبض الأرواح إلى ملك الموت، إلا أنه لا منافاة بين هذه التعبيرات مطلقا، فإن لملك الموت معنى الجنس، وهو يطلق على كل الملائكة، أو هو إشارة إلى كبير الملائكة وزعيمها، ولما كان الجميع يقبضون الأرواح بأمر الله سبحانه، فقد نسب الفعل إلى الله عز وجل.
ثم تجسد وضع هؤلاء المجرمين الكافرين ومنكري المعاد الذين يندمون في القيامة أشد الندم على ما كان منهم لدى مشاهدة مشاهدها ومواقفها المختلفة، فتقول: ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون (3).
ستعجب حقا! أهؤلاء النادمون الناكسوا الرؤوس هم أولئك المتكبرون العتاة العصاة الذين لم يكونوا يذعنون في الدنيا لأية حقيقة؟! إلا أنهم الآن يتغيرون تماما عند رؤية مشاهد القيامة ويصلون إلى مستوى الشهود، لكن هذا الوعي وتغيير الموقف سريع الزوال، فإنهم - وطبقا لآيات القرآن الأخرى - لو رجعوا إلى هذه الدنيا لعادوا إلى حالتهم الأولى، الأنعام / الآية 28.
" الناكس " من مادة (نكس) على وزن (كلب) بمعنى انقلاب الشئ، وهنا يعني خفض الرأس إلى الأسفل وطأطأته.
تقديم " أبصرنا " على " سمعنا " لأن الإنسان يرى المشاهد والمواقف أولا، ثم يسمع استجواب الله والملائكة.