الطريف أن مضمون هذا الكتاب لم يتجاوز في الواقع ثلاث جمل:
الأولى: ذكر " اسم الله " وبيان رحمانيته ورحمته.
الثانية: الأمر بترك الإستعلاء والغرور.. لأن الإستعلاء مصدر المفاسد الفردية والاجتماعية.
والثالثة: التسليم والإذعان للحق.
وإذا أمعنا النظر لم نجد شيئا آخر لابد من ذكره.
وبعد أن ذكرت ملكة سبأ محتوى كتاب سليمان لقومها... التفتت إليهم و قالت يا أيها الملأ افتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون.
لقد أرادت الملكة بهذه الاستشارة تقوية مركزها في قومها، وأن تلفت أنظارهم إليها، كما أرادت ضمنا أن تعرف مدى انسجامهم وميزان استجابتهم لما تقدم عليه من تصميم.
كلمة " أفتوني " مشتقة من (الفتوى) معناها في الأصل الحكم الدقيق والصحيح في المسائل الغامضة والصعبة... فملكة سبأ أرادت بهذا التعبير أن تشعرهم بصعوبة المسألة أولا، وأن يدققوا النظر ويجمعوا الرأي فيها ليتجنبوا الخطأ ثانيا.
" تشهدون " مأخوذ من مادة " الشهود "، ومعناه الحضور... الحضور المقرون بالتعاون والمشورة!.
فالتفت إليها أشراف قومها وأجابوها على استشارتها ف قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين.
وهكذا فقد أظهروا لها تسليمهم وإذعانهم لأوامرها... كما أبدوا رغبتهم في الاعتماد على القوة والحضور في ميدان الحرب.
ولما رأت الملكة رغبتهم في الحرب خلافا لميلها الباطني، ومن أجل إطفاء هذا الظمأ وأن تكون هذه القضية مدروسة، لذلك قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية