يخشون الخروج من ديارهم ويخافون أن يحدق بهم الموت بسبب الأعداء أو الجوع أو العوامل الأخرى التي تهددهم... إضافة إلى فراق الأحبة والمتعلقين والأبناء والأصدقاء، فإن القرآن يردهم بجواب جامع قائلا: كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون.
فهذه الدنيا ليست بدار بقاء لأي أحد، فبعض يمضي عاجلا، وبعض يتأخر، ولابد أن يذهبوا جميعا، وعلى كل حال ففراق الأحبة والأبناء والأقارب لابد أن يقع ويتحقق، فعلام يبقى الإنسان في ديار الشرك من أجل المسائل العابرة.. وأن يحمل عب ء الذل والأسر على كاهله، أكل ذلك من أجل أن يبقى بضعة أيام أو أكثر؟!
ثم بعد هذا كله ينبغي أن تخافوا أن يدرككم الموت في ديار الكفر والشرك قبل أن تبلغوا دار الاسلام، فما أشد ألم مثل هذا الموت وما أتعسه!
ثم لا تظنوا أن الموت نهاية كل شئ، فالموت بداية لحياة الإنسان الأصلية، لأنكم جميعا إلينا ترجعون.. إلى الله العظيم، وإلى نعمه التي لاحد لها ولا انتهاء لأمدها.
والآية التالية تبين جانبا من هذه النعم فتقول: والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار (1).
فهم في قصور تحيط بها أشجار الجنة من كل جانب، الأنهار المختلفة التي لكل منها طعمه ولونه، طبقا لآيات القرآن الاخر، وهي ما بين الأشجار وتحت تلك القصور جارية أبدا.. (لاحظوا أن " غرف " جمع غرفة، ومعناها البناء المرتفع المشرف على أطرافه).
والامتياز الآخر لغرف الجنة أنها ليست كغرف الدنيا وقصورها ومنازلها التي ما أن يضع الإنسان فيها قدمه حتى يسمع نداء " الرحيل "، فغرف الجنة دائمة