" السير في الآفاق " في مسألة المعاد... في حين أن الآية السابقة كانت السمة فيها " السير في الأنفس " أكثر! يقول القرآن: قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق انظروا إلى أنواع الموجودات الحية، والأقوام والأمم المتنوعة والمختلفة، وكيف أن الله تعالى خلقها أولا، ثم أن الله نفسه الذي أوجدها في البداية من العدم قادر أيضا على ايجادها في الآخرة ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ولأنه أثبت قدرته على كل شئ حين خلق الخلق أولا، إذن ف - إن الله على كل شئ قدير.
فهذه الآية والآية التي قبلها - أيضا - أثبتتا بواسطة قدرته الواسعة إمكان المعاد.. مع فرق أن الآية الأولى تتحدث عن الإنسان نفسه وخلقه وما حوله!
والآية الثانية تأمر بمطالعة حالات الأمم والموجودات الأخرى، ليروا الحياة الأولى في صور مختلفة وظروف متفاوتة تماما، وليطلعوا على عمومية قدرة الله، وليستيقنوا قدرته على إعادة هذه الحياة!.
كما أن إثبات التوحيد يتم - أحيانا - عن طريق مشاهدة " الآيات في الأنفس " وأحيانا عن طريق " الآيات في الآفاق " فكذلك يتم إثبات المعاد عن هذين الطريقين أيضا.
وفي عصرنا هذا يمكن أن تبين هذه الآيات للعلماء معنى أعمق وأدق، وهو أن يمضوا ويلاحظوا الموجودات الحية الأولى التي هي في أعماق البحار على شكل فسائل ونباتات وغيرها، وفي قلب الجبال، وبين طبقات الأرض، ويطلعوا على جانب من أسرار بداية الحياة على وجه الأرض، ويدركوا عظمة الله وقدرته، وليعلموا أنه قادر على إعادة الحياة أيضا (1).