ويحسبون تعذيب المشركين لهم واذى الناس أنه عذاب من الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم فنحن معكم في هذا الافتخار والفتح.
ترى هل يظنون أن الله خفي عليه ما في أعماق قلوبهم فلا يعرف نياتهم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين.
ولعل التعبير ب " آمنا " بصيغة الجمع، مع أن الجملة التي تليه جاءت بصيغة المفرد، هو من جهة أن هؤلاء المنافقين يريدون أن يقحموا أنفسهم في صف المؤمنين، فلذلك يقولون " آمنا " أي آمنا كسائر الناس الذين آمنوا.
والتعبير ب أوذي في الله معناه أوذي في سبيل الله، أي إنهم قد يتعرض لهم العدو - أحيانا - وهم في سبيل الله والإيمان فيؤذيهم.
الطريف هنا أن القرآن يعبر عن مجازاة الله ب " العذاب " وعن إيذاء الناس ب " الفتنة " وهذا التعبير إشارة إلى أن إيذاء الناس ليس عذابا - في حقيقة الأمر - بل هو امتحان وطريق إلى التكامل.
وبهذا فإن القرآن يعلمهم أن لا يقايسوا بين هذين النوعين " العذاب " و " الإيذاء " ولا ينبغي أن يتنصلوا من " الإيمان " بحجة أن المشركين والمخالفين يؤذيهم فإن هذ الإيذاء جزء من منهج الامتحان الكلي في هذه الدنيا.
وهنا ينقدح سؤال وهو: أي نصر جعله الله حليف المسلمين ونصيبهم، ليدعي المنافقون أنهم شركاء في هذا النصر مع المسلمين؟!
ونقول في الجواب: إن الجملة الآنفة الذكر جاءت بصيغة " الشرط " ونعلم أن الجملة الشرطية لا دليل فيها على وجود الشرط، بل مفهومها هو أنه لو اتفق أن كان النصر حليفكم في المستقبل، فإن هؤلاء المنافقين - ضعاف الإيمان - يرون أنفسهم شركاء في هذا النصر!
إضافة إلى كل ذلك فإن المسلمين في مكة كانت لهم انتصارات على المشركين غير عسكرية بل انتصارات في التبليغ و " الإعلام " ونفوذ في الأفكار