نجزي المحسنين.
كلمة " أشد " مشتقة من مادة " الشدة " وهي القوة.
وكلمة " استوى " مشتقة من " الاستواء " ومعناها كمال الخلقة واعتدالها.
وهناك كلام بين المفسرين في الفرق بين المعنيين:
فقال بعض المفسرين: المقصود من بلوغ الأشد هو أن يصل الإنسان الكمال من حيث القوى الجسمانية، وغالبا ما يكون في السنة الثامنة عشرة من العمر..
أما الاستواء فهو الاستقرار والاعتدال في أمر الحياة، وغالبا ما يحصل ذلك بعد الكمال الجسماني.
وقال بعضهم: إن المقصود من بلوغ الأشد هو الكمال الجسماني، وأما الاستواء فهو الكمال العقلي والفكري.
ونقرأ في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) في كتاب معاني الأخبار قال: فلما بلغ أشده واستوى قال: " أشده ثمان عشر سنة واستوى، التحى " (1).
وليس بين هذه التعابير فرق كبير، ومن مجموعها - مع ملاحظة المعنى اللغوي للكلمتين " الأشد والاستواء " - يستفاد منهما أنهما يدلان على التكامل في القوى الجسمية والعقلية والروحية.
ولعل الفرق بين " الحكم " و " العلم " هو أن الحكم يراد منه العقل والفهم والقدرة على القضاء الصحيح، والعلم يراد به العرفان الذي لا يصحبه الجهل.
أما التعبير كذلك نجزي المحسنين فيدل بصورة جلية على أن موسى (عليه السلام) كان جديرا بهذه المنزلة، نظرا لتقواه وطهارته وأعماله الصالحة، إذ جازاه الله " بالعلم والحكم " وواضح أن المراد بالحكم والعلم هنا ليس النبوة والوحي وما إليهما.. لأن موسى (عليه السلام) يومئذ لم يبعث بعد، وبقي مدة بعد ذلك حتى بعث نبيا.
بل المقصود والمراد من الحكم والعلم هما المعرفة والنظرة الثاقبة والقدرة