وهذا بالذات يدل على أن هذه الآيات ليست من صنع عقل البشر، لأن الأمر لو كان كذلك، لكانوا يستطيعون بمعونة جماعة اليهود وأهل الكتاب أن يأتوا بمثلها. ومن هنا فإن عجزهم دليل على كذبهم، وكذبهم دليل على ظلمهم.
لهذا فالجملة، القصيرة فقد جاؤوا ظلما وزورا رد بليغ وداحض في مواجهة ادعاءاتهم الواهية.
كلمة " زور " في الأصل من " زور " (على وزن غور) أخذت بمعنى: أعلى الصدر، ثم أطلقت على كل شئ يتمايل عن حد الوسط، وبما أن " الكذب " انحرف عن الحق، ومال إلى الباطل، فقد، سموه " زورا ".
تتناول الآية التالية لونا آخر من التحليلات المنحرفة والحجج الواهية للمشركين فيما يتعلق بالقرآن، فتقول: وقالوا أساطير الأولين أكتتبها.
لا شئ عنده من قبل نفسه، لا علم ولا ابتكار، فكيف له بالنبوة والوحي! إنه استعان بآخرين، فجمع عدة من الأساطير القديمة، وأطلق عليها اسم الوحي والكتاب السماوي. وهو يستلهمها من الآخرين طيلة اليوم من أجل الوصول إلى هذا الهدف فهي تملى عليه بكرة وأصيلا.
إنه يتلقى المعونة لأجل هدفه في الأوقات التي يقل فيها تواجد الناس، أي بكرة وعشيا.
هذا الكلام - في الحقيقة - تفسير وتوضيح للاتهامات التي نقلت عنهم في الآية السابقة. إنهم في هذه الجملة القصيرة أرادوا أن يفرضوا على القرآن مجموعة من نقاط الضعف:
أولها: أن ليس في القرآن موضوع جديد مطلقا، بل مجموعة من الأساطير القديمة.
والثانية: أن نبي الإسلام لا يستطيع الاستمرار بدعوته - حتى يوما واحدا - بدون مساعدة الآخرين، فلابد أن يملوا الموضوعات عليه بكرة وعشيا، وعليه أن