تقول بمنطق واضح وبسيط، وفي نفس الوقت قاطع وداحض: واتخذوا من دون الله آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون.
المعبود الحقيقي هو خالق عالم الوجود، ولا يدعي المشركون هذا الادعاء لأوثانهم، بل يعتقدون أنها مخلوقة لله.
وبعد، فماذا يمكن أن تكون دوافعهم لعبادة الأوثان التي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا، ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا، فما بالك بما تستطيعه للآخرين!؟
ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا.
والأصول المهمة عند الإنسان هي هذه الأمور الخمسة بالذات: النفع والضر، والموت، والحياة، والنشور.
فمن يكن بحق مالكا أصيلا لهذه الأمور، يكن بالنسبة إلينا جديرا بالعبادة.
لكن هذه الأصنام غير قادرة أصلا على هذه الأمور لنفسها، فكيف تريد أن توفر هذه الأمور لمن يعبدها من المشركين؟!
أي منطق مفتضح هذا!؟ أن ينقاد الإنسان ويتذلل على أعتاب موجود لا اختيار له في نفسه، فما بالك باختياره للآخرين!؟
هذه الأوثان ليست عاجزة في الدنيا عن حل مشكلة ما لعبدتها فحسب، بل إنها لا يؤمل منها شئ في الآخرة أيضا.
هذا التعبير يدل على أن هذه الفئة من المشركين، المخاطبة في هذه الآيات، كانت تقبل بالمعاد نوعا من القبول (المعاد الروحي لا الجسدي)، أو أن القرآن - حتى مع عدم اعتقادهم بمسألة المعاد - يتناول القضية كمسلمة، فيخاطبهم بشكل قاطع على هذا الصعيد، وهذا مألوف، فالإنسان أحيانا يكون أمام شخص منكر للحقيقة، لكنه يدلي بكلامه طبقا لأفكاره هو، دون اعتناء بأفكار ذلك المنكر.
خاصة وأن دليلا ضمنيا على المعاد قد كمن في نفس الآية، لأن خالقا حينما يبتدع مخلوقا - وهو مالك موته وحياته وضره ونفعه - لابد أن يكون له هدف من خلقه،