ولا يمكن أن يتحقق هذا الهدف فيما يخص الناس بدون الإيمان بالنشور، ذلك لأنه إذا انتهى بموت الإنسان كل شئ، فسوف تكون الحياة فارغة بلا معنى، وهذا يدل على أن ذلك الخالق لم يكن حكيما.
إذا تأملنا جيدا وجدنا مسألة " الضرر " جاءت في الآية قبل " النفع " وذلك لأن الإنسان ينفر من الضرر بالدرجة الأولى، ولهذا كانت جملة " دفع الضرر أولى من جلب المنفعة " أحد القوانين العقلائية.
وإذا كان " الضرر " و " النفع " و " الموت " و " الحياة " و " النشور " جاءت بصيغة النكرة، أيضا، فلأجل بيان هذه الحقيقة، وهي أن هذه الأوثان لا تملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، حتى في مورد واحد، فما بالك بالموارد كلها!؟
وإذا ذكرت " لا يملكون " و " لا يخلقون " بصيغة " جمع المذكر العاقل " (في حال أن هذه الأوثان الحجرية والخشبية ليس لها أدنى عقل أو شعور) فذلك لأن هذا الخطاب لا يتعلق بالأوثان الحجرية والخشبية فحسب، بل بالجماعة التي كانت تعبد الملائكة أو المسيح، ولأن العاقل وغير العاقل مجتمعان في معنى هذه الجملة، فذكر الجميع بصيغة العاقل من باب " التغليب " كما في الاصطلاح الأدبي.
أو أن الخطاب في هذه العبارة كان طبقا لاعتقاد المخاطبين به، حتى يثبت عجزهم وعدم استطاعتهم، يعني: إذا كنتم تعتقدون أن هذه الأوثان ذات عقل وشعور، فلماذا لا تستطيع أن تدفع عن نفسها ضررا، أو أن تجلب منفعة!؟
الآية التالية - تتناول تحليلات الكفار - أو حججهم على الأصح - في مقابل دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتقول: وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون.
في الواقع، إنهم من أجل أن يلقوا عن عواتقهم مسؤولية تحمل الحق - شأن كل الذين أصروا على معارضة القادة الربانيين على طول التاريخ - اتهموا الرسول