جنة يأكل منها.
ولم يكتفوا بهذا أيضا، فقد اتهموه آخر الأمر بالجنون بما ابتنوه من استنتاج خاطئ، كما نقرأ في ختام هذه الآية نفسها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا. ذلك أنهم كانوا يعتقدون أن السحرة يستطيعون أن يتدخلوا في فكر وعقول الأفراد فيسلبونهم قوام عقولهم!
من مجموع الآيات أعلاه، يستفاد أن المشركين كانت لديهم عدة إشكالات واهية حول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانوا يتنازلون عن مقالتهم مرحلة بعد مرحلة.
أولا: إنه أساسا يجب أن يكون ملكا، وهذا الذي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ليس ملكا بالضرورة.
ثم قالوا: حسن جدا، إن لم يكن ملكا، فيرسل الله - على الأقل - ملكا يرافقه ويعينه.
ثم تنازلوا عن هذا أيضا، فقالوا: لنفرض أن رسول الله بشر، فينبغي أن يلقى إليه كنز من السماء، ليكون دليلا على أنه موضع اهتمام الله.
وقالوا في نهاية المطاف: لنفرض أنه لم يكن له أي من تلك الميزات، فينبغي على الأقل ألا يكون إنسانا فقيرا، فليكن كأي مزارع مرفه، له بستان يضمن منه معيشته. لكنه فاقد لكل هذا مع الأسف، ويقول إنني نبي!؟
واستنتجوا في الختام، أن ادعاءة الكبير هذا، في مثل هذه الشرائط، دليل على أن ليس له عقل سليم.
الآية التالية تبين جواب جميع هذه الإشكالات في عبارة موجزة: انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا.
هذه العبارة الموجزة أداء بليغ عن هذه الحقيقة، فهم من خلال مجموعة من الأقوال الواهية التي لا أساس لها وقفوا أمام دعوة الحق والقرآن - الذي محتواه شاهد ناطق على ارتباطه بالله - ليخفوا وجه الحقيقة.