القائد أن غياب هذا الشخص يلحق ضررا، فمن حقه أن لا يأذن له، وعليه أن يضحي بمصلحته من أجل هدف أسمى. لهذا تضيف الآية: إن الذين يستأذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم.
ومن الواضح أن هؤلاء المؤمنين لا يستأذن أحدهم لعمل بسيط في حين أنهم اجتمعوا لأمر أهم، والمقصود من عبارة " شأنهم "، الأعمال الضرورية والمهمة فقط.
ومن جهة أخرى، لا تعني إذن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للأشخاص دون دراسة جوانب المسألة وأثر حضور وغياب الأفراد، بل جاء هذا التعبير ليطلق يد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن لا يأذن لأحد حين إحساسه بضرورة حضوره في الجماعة.
ودليل هذا الكلام ما جاء في الآية (43) من سورة التوبة حيث يلام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لإذنه بعض الأفراد: عفى الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين الذين صدقوا وتعلم الكاذبين.
وتبين هذه الآية كيف أوجبت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التحقيق قبل الإذن، وأن يلاحظ أبعاد هذه المسؤولية الإلهية.
وتقول الآية في الختام: واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم.
وهنا يطرح سؤال: ما الغرض من هذا الاستغفار؟ فهل هم مذنبون رغم أخذهم الإذن من الرسول بالمغادرة، كي يحتاجوا إلى استغفاره لهم؟
وللجواب على هذا السؤال هناك وجهان:
أحدهما: أن يستغفر لهم تنبيها على أن الأولى أن لا يقع الاستئذان منهم وإن أذن لهم، لأن ذلك يعتبر تقديم الشخص لمصلحته الخاصة على مصلحة المسلمين، ولا يخلو هذا الامر من " الترك الأولى " ولذا يحتاج إلى الاستغفار (كالاستغفار