وبهذا الترتيب، يدحض اعتقاد النصارى بأن " المسيح " (عليه السلام) ابن الله، أو ما يعتقده اليهود أن " العزير " ابن الله، وكذلك يدحض اعتقاد مشركي العرب، ثم يضيف جل ذكره: ولم يكن له شريك في الملك.
فإذا كان لمشركي العرب اعتقاد بوجود الشريك أو الشركاء، ويتوهمونهم شركاء لله في العبادة، ويتوسلون بهم من أجل الشفاعة، ويسألونهم المعونة لقضاء حوائجهم، حتى آل بهم الأمر أنهم كانوا يقولون بصراحة - حين التلبية للحج - جملا قبيحة ملوثة بالشرك، مثل: " لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك ". فإن القرآن يدين ويدحض كل هذه الأوهام.
ويقول تعالى في العبارة الأخيرة: وخلق كل شئ فقدره تقديرا.
ليس كمثل اعتقاد الثنويين الذين يعتقدون بأن قسما من موجودات هذا العالم مخلوقات " الله "، وأن قسما منها مخلوقات " الشيطان ".
وبهذا الترتيب كانوا يقسمون الخلق والخلقة بين الله والشيطان، ذلك لأنهم كانوا يتوهمون الدنيا مجموعة من " الخير " و " الشر "، والحال ألا شئ في عالم الوجود إلا الخير من وجهة نظر الموحد الحق. فإذا رأينا شرا، فإما أن يكون ذا جنبة " نسبية " أو " عدمية "، أو أن يكون نتيجة لأعمالنا (فتأمل)!.
* * * 2 - بحث 3 - تقدير الموجودات بدقة:
ليس نظام العالم الدقيق والمتقن - وحده - من الدلائل المحكمة على معرفة الله وتوحيده، فتقديراته الدقيقة أيضا دليل واضح آخر، أننا لا يمكن أن نعتبر مقادير موجودات هذا العالم المختلفة، وكميتها وكيفيتها المحسوبة، معلولة للصدفة التي لا تتوافق مع حساب الاحتمالات.