ومما يجب الانتباه إليه في تفسير الآية محل البحث وجود احتمالين إضافة إلى ما ذكرناه هما:
الأول: أن القصد من قوله تعالى: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا أنكم عندما تدعو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فينبغي أن تدعوه بأدب واحترام يليق بمنزلته، وليس كما تدعون بعضكم بعضا، والسبب يكمن في أن جماعة من المسلمين لم يتعلموا - بعد - الآداب الإسلامية في التعامل مع الآخرين، فكانوا ينادون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعبارة: يا محمد! وهذا لا يليق بنداء قائد إلهي كبير.
وتستهدف الآية تعليم الناس أن يدعوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعبارات رزينة وبأسلوب مؤدب، كأن يدعوه: يا رسول الله، أو: يا نبي الله.
وهذا التفسير ورد في بعض الروايات أيضا إلا أنه لا ينسجم مع ظاهر الآية التي تحدثت عن الاستجابة لدعوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ووجوب عدم الغياب عن الجماعة دون استئذان منه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن نقول: إن كلا المعنيين مقصودان للآية واحدة، وأن مفهوم الآية شامل للتفسيرين الأول والثاني.
والآخر: ويبدو أنه ضعيف جدا، وهو ألا تجعلوا دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أحد الاشخاص ولعنه له كدعاء بعضكم على بعض (1)، لأن دعاء ولعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتم وفق حساب دقيق وخاضع للتعاليم الإلهية، وهو نافذ حتما.
ولكن ليس لهذا التفسير علاقة بأول الآية ونهايتها، ولم يرد حديث إسلامي خاص به، ولهذا السبب لا يمكن قبوله.
وتجدر الإشارة إلى أن علماء الأصول فسروا عبارة فليحذر الذين يخالفون عن أمره بأن أوامر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تدل على الوجوب، إلا أن هذا الاستدلال فيه نواقص أشير إليها في علم الأصول.