وثانيا: على أن الامتناع مما أحله الله من غير دليل علمي تشريع محرم.
وثالثا: على أن المراد من اتباع خطوات الشيطان التعبد لله بما لم يأذن في التعبد بذلك فإنه لم ينه عن المشي والسلوك لكن عن المشي الذي يضع فيه الانسان قدمه موضع قدم الشيطان فينطبق مشيته على مشيته فيكون متبعا لخطواته، ومن هنا يعلم أن عموم التعليل، وهو قوله إنما يأمركم (الخ) وإن اقتضى المنع عن الاقتحام في فعل بغير علم كما يقتضي المنع عن الامتناع بغير علم لكنه ليس بمراد في الخطاب فإنه ليس من اتباع خطوات الشيطان وإن كان اتباعا للشيطان.
قوله تعالى: إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون، السوء والفحشاء يكونان في الفعل، وفي مقابلة القول، وبذلك يظهر: أن ما يأمر به الشيطان ينحصر في الفعل الذي هو سوء وفحشاء، والقول الذي هو قول بغير علم.
قوله تعالى: وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا، الالفاء الوجدان أي وجدنا عليه آبائنا، والآية تشهد بما استفدناه من الآية السابقة في معنى خطوات الشيطان.
قوله تعالى: أو لو كان آبائهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون، جواب عن قولهم، وبيانه أنه قول بغير علم ولا تبين، وينافيه صريح العقل فان قولهم: بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا قول مطلق أي نتبع آبائنا على أي حال وعلى أي وصف كانوا، حتى لو لم يعلموا شيئا ولم يهتدوا ونقول ما فعلوه حق، وهذا هو القول بغير علم، ويؤدي إلى القول بما لا يقول به عاقل لو تنبه له ولو كانوا اتبعوا آبائهم فيما علموه واهتدوا فيه وهم يعلمون: إنهم علموا واهتدوا فيه لم يكن من قبيل الاهتداء بغير علم.
ومن هنا يعلم: أن قوله تعالى: لا يعقلون شيئا ولا يهتدون، ليس واردا مورد المبالغة نظرا إلى أن سلب مطلق العلم عن آبائهم مع كونهم يعلمون أشياء كثيرة في حياتهم لا يحتمل إلا المبالغة.
وذلك أن الكلام مسوق سوق الفرض بإبداء تقدير لا يقول بجواز الا تباع فيه قائل ليبطل به إطلاق قولهم نتبع ما ألفينا عليه آبائنا وهو ظاهر.
قوله تعالى: ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء،