عن قسر القاسر ويقابله الأثر الملائم الذي يصدر عن طبع الشئ إذا اقترن به آفات ثم رسخت فيه فصارت صورة في الشئ وعاد الشئ يطلبه بهذا الوجود وهو في عين الحال لا يحبه كما مثلنا فيه من مثال الماليخوليائي فهذه الآثار ملائمة لذاته من حيث صدورها عن طبعه الشقي الخبيث والآثار الصادرة عن الطباع ملائمة، وهي بعينها عذاب لصدق حد العذاب عليها لكون الشئ لا يرتضيها فهي غير مرضية من حيث الذوق والوجدان في عين كونها مرضية من حيث الصدور.
والجواب عن الثالث: أن العذاب في الحقيقة ترتب أثر غير مرضي على موضوعه الثابت حقيقة، وهو صورة الشقاء فهذا الأثر معلول الصورة الحاصلة بعد تحقق علل معدة، وهي المخالفات المحدودة، وليس معلولا لتلك العلل المعدة المحدودة حتى يلزم تأثير المتناهي أثرا غير متناه وهو محال ونظيره أن عللا معدة ومقربات معدودة محدودة أوجبت أن تتصور المادة بالصورة الانسانية فيصير إنسانا يصدر عنه آثار الانسانية المعلولة للصورة المذكورة، ولا معنى لان يسئل ويقال: أن الآثار الانسانية الصادرة عن الانسان بعد الموت صدورا دائميا سرمديا لحصول معدات محدودة مقطوعة الامر للمادة فكيف صارت مجموع منقطع الآخر من العلل سببا لصدور الآثار المذكورة وبقائها مع الانسان دائما لان علتها الفاعلة - وهي الصورة الانسانية موجودة معها دائما على الفرض، فكما لا معنى لهذا السؤال لا معنى لذلك أيضا.
والجواب عن الرابع: أن الخدمة والعبودية أيضا مثل الرحمة على قسمين: عبودية عامة، وهو الخضوع والانفعال الوجودي عن مبدء الوجود، وعبودية خاصة وهو الخضوع والانقياد في صراط الهداية إلى التوحيد، ولكل من القسمين جزاء يناسبه وأثر يترتب عليه ويخصه من الرحمة، فالعبودية العامة في نظام التكوين جزائه الرحمة العامة، والنعمة الدائمة والعذاب الدائم كلاهما من الرحمة العامة، والعبودية الخاصة جزائه الرحمة الخاصة، وهي النعمة والجنة وهو ظاهر، على أن هذا الاشكال لو تم لورد في مورد العذاب المنقطع الأخروي بل الدنيوي أيضا.
والجواب عن الخامس: أن العذاب الدائم مستند إلى صورة الشقاء الذي في الانسان كما عرفت، وإلى الله سبحانه بالمعنى الذي يقال: في كل موجود: إنه مستند إليه تعالى لا بمعنى الانتقام وتشفي الصدر المستحيل عليه تعالى، نعم الانتقام بمعنى