(انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها الآية).
وثانيها: انه كما إن الصراط المستقيم مهيمن على جميع السبل، فكذلك أصحابه الذين مكنهم الله تعالى فيه وتولى أمرهم وولاهم أمر هداية عباده حيث قال: (وحسن أولئك رفيقا) النساء - 71. وقال تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) المائدة - 55. والآية نازلة في أمير المؤمنين علي صلى الله عليه وآله وسلم بالاخبار المتواترة وهو عليه السلام أول فاتح لهذا الباب من الأمة وسيجئ تمام الكلام في الآية.
وثالثها: إن الهداية إلى الصراط يتعين معناها بحسب تعين معناه، وتوضيح ذلك أن الهداية هي الدلالة على ما في الصحاح، وفيه ان تعديتها لمفعولين لغة أهل الحجاز، وغيرهم يعدونه إلى المفعول الثاني بإلى، وقوله هو الظاهر، وما قيل: ان الهداية إذا تعدت إلى المفعول الثاني بنفسها، فهي بمعنى الايصال إلى المطلوب، وإذا تعدت بإلى فبمعنى إرائة، الطريق مستدلا بنحو قوله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) القصص - 56. حيث ث إن هدايته بمعنى ارائة الطريق ثابتة فالمنفى غيرها وهو الايصال إلى المطلوب قال تعالى: (وهديناهم صراطا مستقيما) النساء - 70. وقال تعالى: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) الشورى - 52.
فالهداية بالايصال إلى المطلوب تتعدى إلى المفعول الثاني بنفسها، والهداية بإرائة الطريق بإلى، وفيه ان النفي المذكور نفي لحقيقة الهداية التي هي قائمة بالله تعالى، لا نفي لها أصلا، وبعبارة أخرى هو نفي الكمال دون نفي الحقيقة، مضافا إلى أنه منقوض بقوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون: (يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد) غافر - 38. فالحق انه لا يتفاوت معنى الهداية باختلاف التعدية، ومن الممكن ان يكون التعدية إلى المفعول الثاني من قبيل قولهم دخلت الدار.
وبالجملة فالهداية هي الدلالة وارائة الغاية بإرائة الطريق وهي نحو ايصال إلى المطلوب، وانما تكون من الله سبحانه، وسنته سنة الأسباب بإيجاد سبب ينكشف به المطلوب ويتحقق به وصول العبد إلى غايته في سيره، وقد بينه الله سبحانه بقوله: (فمن