بعيد وهو سبيل غيرهم فهذا نحو اختلاف في السبيل وهناك نحو آخر من الاختلاف، قال تعالى: (ان الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء) الأعراف - 40 ولولا طروق من متطرق لم يكن للباب معنى فهناك طريق من السفل إلى العلو، وقال تعالى: (ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى) طه - 81. والهوي هو السقوط إلى أسفل، فهناك طريق آخر آخذ في السفالة والانحدار، وقال تعالى: (ومن يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل) البقرة - 108، فعرف الضلال عن سواء السبيل بالشرك لمكان قوله: فقد ضل، وعند ذلك تقسم الناس في طرقهم ثلثه اقسام: من طريقه إلى فوق وهم الذين يؤمنون بآيات الله ولا يستكبرون عن عبادته، ومن طريقه إلى أسفل، وهم المغضوب عليهم، ومن ضل الطريق وهو حيران فيه وهم الضالون، وربما اشعر بهذا التقسيم قوله تعالى: صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
والصراط المستقيم لا محالة ليس هو الطريقين الآخرين من الطرق الثلث أعني:
طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين فهو من الطريق الأول الذي هو طريق المؤمنين غير المستكبرين إلا ان قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) المجادلة - 11. يدل على أن نفس الطريق الأول أيضا يقع فيه انقسام.
وبيانه: ان كل ضلال فهو شرك كالعكس على ما عرفت من قوله تعالى: (ومن يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل) البقرة - 108. وفي هذا المعنى قوله تعالى (أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا) يس - 62. والقرآن يعد الشرك ظلما وبالعكس، كما يدل عليه قوله تعالى حكاية عن الشيطان لما قضي الامر: (اني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم) إبراهيم - 22. كما يعد الظلم ضلالا في قوله تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون) الانعام - 82 وهو ظاهر من ترتيب الاهتداء والامن من الضلال أو العذاب الذي يستتبعه الضلال، على ارتفاع الظلم ولبس الايمان به، وبالجملة الضلال والشرك والظلم أمرها واحد وهي متلازمة مصداقا، وهذا هو المراد من قولنا: ان كل واحد منها معرف بالآخر أو