أحبه، ومن أحبه الله كان من الآمنين، وهذا مقام مكنون لا يمسه إلا المطهرون.
أقول: وقد تبين معنى الروايات مما مر من البيان، وتوصيفهم عليهم السلام عبادة الأحرار تارة بالشكر وتارة بالحب، لكون مرجعهما واحدا، فان الشكر وضع الشئ المنعم به في محله، والعبادة شكرها ان تكون لله الذي يستحقها لذاته، فيعبد الله لأنه الله، اي لأنه مستجمع لجميع صفات الجمال والجلال بذاته، فهو الجميل بذاته المحبوب لذاته، فليس الحب إلا الميل إلى الجمال والانجذاب نحوه، فقولنا فيه تعالى هو معبود لأنه هو، وهو معبود لأنه جميل محبوب، وهو معبود لأنه منعم مشكور بالعبادة يرجع جميعها إلى معنى واحد.
وروي بطريق عامي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: إياك نعبد الآية، يعني:
لا نريد منك غيرك ولا نعبدك بالعوض والبدل: كما يعبدك الجاهلون بك المغيبون عنك.
أقول: والرواية تشير إلى ما تقدم، من استلزام معنى العبادة للحضور وللاخلاص الذي ينافي قصد البدل.
وفي تحف العقول عن الصادق عليه السلام في حديث: ومن زعم أنه يعبد بالصفة لا بالادراك فقد أحال على غائب، ومن زعم أنه يعبد الصفة والموصوف فقد أبطل التوحيد لان الصفة غير الموصوف، ومن زعم أنه يضيف الموصوف إلى الصفة فقد صغر بالكبير، وما قدروا الله حق قدره. الحديث.
وفي المعاني عن الصادق عليه السلام في معنى قوله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم يعني ارشدنا إلى لزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ إلى جنتك، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو ان نأخذ بآرائنا فنهلك.
وفي المعاني أيضا عن علي عليه السلام: في الآية، يعني، ادم لنا توفيقك الذي أطعناك به في ماضي أيامنا، حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا.
أقول: والروايتان وجهان مختلفان في الجواب عن شهبة لزوم تحصيل الحاصل من سؤال الهداية للمهدي، فالرواية الأولى ناظرة إلى اختلاف مراتب الهداية مصداقا والثانية إلى اتحادها مفهوما.