وعلى غير دقة لكن توفر الوسائل وقرب الروابط اليوم سهل الامر كل التسهيل، فلم تزل الحاجة قائمة على ساق، حتى قام الشيخ الفاضل البارع الشهير، بالسردار الكابلي، - رحمة الله عليه - في هذه الأواخر بهذا الشأن فاستخرج الانحراف القبلي بالأصول الحديثة، وعمل فيه رسالته المعروفة، بتحفة الأجلة في معرفة القبلة، وهي رسالة ظريفة بين فيها طريق عمل استخراج القبلة بالبيان الرياضي، ووضع فيها جداول لتعيين قبلة البلاد.
ومن ألطف ما وفق له في سعيه - شكر الله سعيه - ما أظهر به كرامة باهرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في محرابه المحفوظ في مسجد النبي بالمدينة 25. 75. 20 وذلك: أن المدينة على ما حاسبه القدماء كانت ذات عرض 25 درجة وطول 75 درجة 20 دقيقة، وكانت لا توافقه قبلة محراب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده، لذلك كان العلماء لا يزالون باحثين في أمر قبله المحراب وربما ذكروا في انحرافه وجوها لا تصدقها حقيقة الامر لكنه - رحمه الله - أوضح ان المدينة على عرض 24 درجة 57 دقيقة وطول 39 درجة 59 دقيقة وانحراف. درجة 45 دقيقة تقريبا. وأنطبق على ذلك قبلة المحراب أحسن الانطباق وبدت بذلك كرامة باهرة للنبي في قبلته التي وجه وجهه إليها وهو في الصلاة، وذكران جبرئيل أخذ بيده وحول وجهه إلى الكعبة، صدق الله ورسوله.
ثم استخرج بعده المهندس الفاضل الزعيم عبد الرزاق البغائري رحمة الله عليه قبلة أكثر بقاع الأرض ونشر فيها رسالة في معرفة القبلة، وهي جداول يذكر فيها ألف وخمسمأة بقعة من بقاع الأرض وبذلك تمت النعمة في تشخيص القبلة.
وأما الجهة الثانية: وهي الجهة المغناطيسية، فإنهم وجدوا أن القطبين المغناطيسيين في الكرة الأرضية، غير منطبقين على القطبين الجغرافيين منها، فإن القطب المغناطيسي الشمالي مثلا على أنه متغير بمرور الزمان، بينه وبين القطب الجغرافيائي الشمالي ما يقرب من ألف ميل، وعلى هذا فالحك لا يشخص القطب الجنوبي الجغرافي بعينه، بل ربما بلغ التفاوت إلى ما لا يتسامح فيه، وقد أنهض هذا المهندس الرياضي الفاضل الزعيم حسين علي رزم آرا في هذه الأيام وهي سنة 1332 هجرية شمسية على حل هذه المعضلة، واستخراج مقدار التفاوت بين القطبين الجغرافي والمغناطيسي بحسب النقاط المختلفة،