ليشوهوا عليهم دينهم، وينفروا أهل الكتاب منه.
أقول: ما ذكره لا يخلو من وجه في الجملة، الا انه أفرط في المناقشة، فاعترضه من خبط القول ما هو أردى وأشنع.
أما قوله: أن هذه الروايات فاسدة أولا من جهة التناقض والتعارض وثانيا من جهة مخالفة الكتاب، ففيه أن التناقض أو التعارض إنما يضر لو أخذ بكل واحد واحد منها، وأما الاخذ بمجموعها من حيث المجموع (بمعنى أن لا يطرح الجميع لعدم اشتمالها على ما يستحيل عقلا أو يمنع نقلا) فلا يضره التعارض الموجود فيها وإنما نعني بذلك: الروايات الموصولة إلى مصادر العصمة، كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والطاهرين من أهل بيته، وأما غيرهم من مفسري الصحابة، والتابعين، فحالهم حال غيرهم من الناس وحال ما ورد من كلامهم الخالي عن التناقض، حال كلامهم المشتمل على التناقض وبالجملة لا موجب لطرح رواية، أو روايات، إلا إذا خالفت الكتاب أو السنة القطعية، أو لاحت منها لوائح الكذب والجعل، كما لا حجية إلا للكتاب والسنة القطعية، في أصول المعارف الدينية الإلهية.
فهناك ما هو لازم القبول، وهو الكتاب والسنة القطعية وهناك ما هو لازم الطرح، وهو ما يخالفهما من الآثار، وهناك مالا دليل على رده، ولا على قبوله، وهو ما لا دليل من جهة العقل على استحالته، ولا من جهة النقل أعني: الكتاب والسنة القطعية على منعه.
وبه يظهر فساد اشكاله بعدم صحة أسانيدها، فإن ذلك لا يوجب الطرح ما لم يخالف العقل أو النقل الصحيح.
وأما مخالفتها لظاهر قوله: وإذ يرفع إبراهيم القواعد الآية فليت شعري: أن الآية الشريفة كيف تدل على نفى كون الحجر الأسود من الجنة؟ أم كيف تدل على نفى نزول قبة على البقعة في زمن آدم، ثم ارتفاعها في زمن نوح؟ وهل الآية تدل على أزيد من أن هذا البيت المبني من الحجر والطين بناء إبراهيم؟ وأي ربط له اثباتا أو نفيا بما تتضمنه الروايات التي أشرنا إليها، نعم لا يستحسنه طبع هذا القائل، ولا يرتضيه رأيه