إبراهيم (ع) التطهير من عبادة الأصنام الا أنه (ع) علله بالضلال فأنتج سؤال التطهير من جميع الضلال من عبادة الأصنام ومن أي شرك حتى المعاصي، فإن كل معصية شرك كما مر بيانه في قوله تعالى: (صراط الذين أنعمت عليهم) فاتحة الكتاب - 6.
وقوله عليه السلام وفي هذا دلالة على أنه لا يكون الأئمة والأمة المسلمة، إلخ أي إنهما واحد، وهما من ذرية إبراهيم كما مر بيانه.
فان قلت: لو كان المراد بالأمة في هذه الآيات ونظائرها كقوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) آل عمران - 110، عدة معدودة من الأمة دون الباقين كان لازمه المجاز في الكلام من غير موجب يصحح ذلك ولا مجوز لنسبة ذلك إلى كلامه تعالى، على أن كون خطابات القرآن متوجهة إلى جميع الأمة ممن آمن بالنبي ضروري لا يحتاج إلى إقامة حجة.
قلت: إطلاق أمة محمد وإرادة جميع من آمن بدعوته من الاستعمالات المستحدثة بعد نزول القرآن وانتشار الدعوة الاسلامية وإلا فالأمة بمعنى القوم كما قال تعالى (على أمم ممن معك وأمم سنمتعهم) هود - 48، وربما اطلق على الواحدة كقوله تعالى (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله) النحل - 120، وعلى هذا فمعناها من حيث السعة والضيق يتبع موردها الذي استعمل فيه لفظها، أو أريد فيه معناها.
فقوله تعالى: ربنا واجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك الآية - والمقام مقام الدعاء بالبيان الذي تقدم - لا يراد به إلا عدة معدودة ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذا قوله: كنتم خير أمة خرجت للناس وهو في مقام الامتنان وتعظيم القدر وترفيع الشأن لا يشمل جميع الأمة، وكيف يشمل فراعنة هذه الأمة دجاجلتها الذين لم يجدوا للدين أثرا إلا عفوه ومحوه، ولا لأوليائه عظما إلا كسروه وسيجئ تمام البيان في الآية إنشاء الله فهو من قبيل قوله تعالى لبني إسرائيل): (وإني فضلتكم على العالمين) البقرة - 47، فإن منهم قارون ولا يشمله الآية قطعا، كما أن قوله تعالى: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) الفرقان - 30، لا يعم جميع هذه الأمة وفيهم أولياء القرآن ورجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله تعالى.