ثم آمنوا كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم) النساء - 137، وقوله تعالى: حكاية عن نوح: (وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم) هود - 29.
قوله تعالى: لا تقولوا راعنا وقولوا أنظرنا، أي بدلوا قول (راعنا من قول (انظرنا) ولئن لم تفعلوا ذلك كان ذلك منكم كفرا وللكافرين عذاب أليم ففيه نهى شديد عن قول راعنا وهذه كلمة ذكرتها آية أخرى وبينت معناها في الجملة وهي قوله تعالى (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين) النساء - 46، ومنه يعلم أن اليهود كانت تريد بقولهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم راعنا نحوا من معنى قوله: اسمع غير مسمع ولذلك ورد النهي عن خطاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك وحينئذ ينطبق على ما نقل: أن المسلمين كانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك إذا القى إليهم كلاما يقولون راعنا يا رسول الله - يريدون أمهلنا وانظرنا حتى نفهم ما تقول - وكانت اللفظة تفيد في لغة اليهود معنى الشتم فاغتنم اليهود ذلك فكانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك يظهرون التأدب معه وهم يريدون الشتم ومعناه عندهم اسمع لا أسمعت فنزل: من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا، الآية ونهى الله المؤمنين عن الكلمة وأمرهم أن يقولوا ما في معناه وهو انظرنا فقال: لا تقولوا راعنا وتقولوا أنظرنا.
قوله تعالى: وللكافرين عذاب أليم: يريد المتمردين من هذا النهى وهذا أحد الموارد التي أطلق فيها الكفر على ترك التكاليف الفرعية.
قوله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب، لو كان المراد بأهل الكتاب اليهود خاصة كما هو الظاهر لكون الخطابات السابقة مسوقة لهم فتوصيفهم بأهل الكتاب يفيد الإشارة إلى العلة، وهو أنهم لكونهم أهل كتاب ما يودون نزول الكتاب على المؤمنين لاستلزامه بطلان اختصاصهم بأهلية الكتاب مع أن ذلك ضنة منهم بما لا يملكونه، ومعارضة مع الله سبحانه في سعة رحمته وعظم فضله، ولو كان المراد عموم أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهو تعميم بعد التخصيص لاشتراك الفريقين في بعض الخصائل، وهم على غيظ من الاسلام، وربما يؤيد هذا الوجه بعض