(للفقراء المهاجرين، إلى أن قال: والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم، إلى أن قال:
والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا إغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) الحشر - 10، فلو كان مصداق قوله: الذين آمنوا، عين مصداق قوله: الذين سبقونا بالايمان، كان من وضع الظاهر موضع المضمر من غير وجه ظاهر.
ويشعر بما مر أيضا قوله تعالى: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، إلى أن قال: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) الفتح - 29.
فقد تحصل أن الكلمة كلمة تشريف تختص بالسابقين الأولين من المؤمنين، ولا يبعد جريان نظير الكلام في لفظة الذين كفروا فيراد به السابقون في الكفر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مشركي مكة وأترابهم كما يشعر به أمثال قوله تعالى: (إن الذين كفروا سواء عليهم، أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) البقرة - 6.
فان قلت: فعلى ما مر يختص الخطاب بالذين آمنوا بعدة خاصة من الحاضرين في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أن القوم ذكروا أن هذه خطابات عامة لزمان الحضور وغيره والحاضرين الموجودين في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم وخاصة بناء على تقريب الخطاب بنحو القضية الحقيقية.
قلت: نعم هو خطاب تشريفي يختص بالبعض لكن ذلك لا يوجب اختصاص التكاليف المتضمن لها الخطاب بهم فان لسعة التكليف وضيقه أسبابا غير ما يوجب سعة الخطاب وضيقه من الأسباب، كما أن التكاليف المجردة عن الخطاب عامة وسيعة من غير خطاب، فعل هذا يكون تصدير بعض التكاليف بخطاب يا أيها الذين آمنوا من قبيل تصدير بعض آخر من الخطابات بلفظ يا أيها لنبي، ويا أيا الرسول مبينا على التشريف، والتكليف عام، والمراد وسيع، ومع هذا كله لا يوجب ما ذكرناه من الاختصاص التشريفي عدم إطلاق لفظة الذين آمنوا على غير هؤلاء المختصين بالتشريف أصلا إذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك كقوله تعالى: (إن الذين آمنوا ثم كفروا