بها وهو معها، فالمتوجه إلى شئ من الجهات متوجه إليه تعالى.
ولما كان المشرق والمغرب جهتين إضافيتين شملتا ساير الجهات تقريبا إذ لا يبقى خارجا منهما إلا نقطتا الجنوب والشمال الحقيقتان ولذلك لم يقيد إطلاق قوله فأينما، بهما بأن يقال: أينما تولوا منهما فكأن الانسان أينما ولى وجهه فهناك إما مشرق أو مغرب، فقوله: ولله المشرق والمغرب بمنزلة قولنا: ولله الجهات جميعا وإنما اخذ بهما لان الجهات التي يقصدها الانسان بوجهه إنما تتعين بشروق الشمس وغروبها وسائر الاجرام العلوية المنيرة.
قوله تعالى: فثم وجه الله، فيه وضع علة الحكم في الجزاء موضع الجزاء، والتقدير - والله أعلم - فأينما تولوا جاز لكم ذلك فإن وجه الله هناك ويدل على هذا التقدير تعليل الحكم بقوله تعالى: إن الله واسع عليم، أي إن الله واسع الملك والاحاطة عليم بقصودكم أينما توجهت، لا كالواحد من الانسان أو سائر الخلق الجسماني لا يتوجه إليه إلا إذا كان في جهة خاصة، ولا أنه يعلم توجه القاصد إليه إلا من جهة خاصة كقدامه فقط، فالتوجه إلى كل جهة توجه إلى الله، معلوم له سبحانه.
واعلم أن هذا توسعة في القبلة من حيث الجهة لا من حيث المكان، والدليل عليه قوله: ولله المشرق والمغرب.
(بحث روائي) في التهذيب عن محمد بن الحصين قال: كتب إلى عبد صالح الرجل يصلي في يوم غيم في فلات من الأرض ولا يعرف القبلة فيصلى حتى فرغ من صلوته بدت له الشمس فإذا هو صلى لغير القبلة يعتد بصلاته أم يعيدها؟ فكتب يعيد ما لم يفت الوقت، أو لم يعلم أن الله يقول: - وقوله الحق - فأينما تولوا فثم وجه الله.
وفي تفسير العياشي عن الباقر عليه السلام: في قوله تعالى: ولله المشرق والمغرب إلخ، قال عليه السلام: أنزل الله هذه الآية في التطوع خاصة فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم، وصلى رسول الله إيمائا على راحلته أينما توجهت به حين خرج إلى خيبر،