مما يختص التشرف به بهذه الأمة، غير أن التدبر في كلامه تعالى يعطي أن التعبير بلفظة الذين آمنوا يراد به في كلامه تعالى غير ما يراد بلفظة المؤمنين كقوله تعالى:
(وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون: النور - 31، بحسب المصداق، قال تعالى:
(الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم) المؤمن - 7 و 8، فجعل استغفار الملائكة وحملة العرش أولا للذين آمنوا ثم بدله ثانيا من قوله: للذين تابوا واتبعوا، والتوبة هي الرجوع، ثم علق دعائهم بالذين آمنوا وعطف عليهم آبائهم وذرياتهم ولو كان هؤلاء المحكي عنهم بالذين آمنوا هم أهل الايمان برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كيف ما كانوا، كان الذين آمنوا شاملا للجميع من الآباء والأبناء والأزواج ولم يبق للعطف والتفرقة محل وكان الجميع في عرض واحد ووقعوا في صف واحد. ويستفاد هذا المعنى أيضا من قوله تعالى:
(والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم شئ كل امرء بما كسب رهين) الطور - 21، فلو كان ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان مصداقا للذين آمنوا في كلامه تعالى لم يبق للالحاق وجه، ولو كان قوله: (واتبعتهم ذريتهم) قرينة على إرادة اشخاص خاصة من الذين آمنوا وهم كل جمع من المؤمنين بالنسبة إلى ذريتهم، المؤمنين لم يبق للالحاق أيضا وجه، ولا لقوله، وما ألتناهم من عملهم من شئ، وجه صحيح الا في الطبقة الأخيرة التي لا ذرية بعدهم يتبعونهم بإيمان فهم يلحقون بآبائهم، وهذا وان كان معنى معقولا الا أن سياق الآية وهو سياق التشريف يأبى ذلك لعود المعنى على ذلك التقدير إلى مثل معنى قولنا: المؤمنون بعضهم من بعض أو بعضهم يلحق ببعض وهم جميعا في صف واحد من غير شرافة للبعض على البعض ولا للمتقدم على المتأخر فإن الملاك هو الايمان وهو في الجميع واحد وهذا مخالف لسياق الآية الدال على نوع كرامة وتشريف للسابق بالحاق ذريته به، فقوله:
واتبعتهم ذريتهم بايمان، قرينة على إرادة أشخاص خاصة بقوله: الذين آمنوا، وهم السابقون الأولون في الايمان برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المهاجرين والأنصار في يوم العسرة فكلمة الذين آمنوا كلمة تشريف يراد بها هؤلاء، ويشعر بذلك أيضا قوله تعالى: