غريبي القرآن والحديث فلا ترى مؤلفا فيهما إلا وقد ألم بهما إذ كانت الأسباب واحدة والغرض معرفة الكلمة الغريبة لغة ومعنى وإعرابا، ولولا هذه العناية التي بذلها العلماء رحمهم الله لحدث للغة العربية ما حدث لغيرها من اللغات التي اندرست وتبعثرت مفرداتها بمرور الزمن، واختلاط الأجناس، وامتزاج الألسن، وتداخل اللغات.
المؤلفون في غريبه صنف في الغريب فريق كبير من اللغويين والمفسرين والمحدثين تربوا قائمة مؤلفاتهم على الخمسين كتابا كما ذكرتها معاجم الكتب والرجال، إلا أن الواصل الينا من تصانيفهم قليل جدا وهي خسارة لا تعوض في ثروتنا العلمية وثرائنا الاسلامي بالإضافة إلى الخسائر الفادحة التي منى بها الأدب العربي بما فقده من نفائس الآثار، وروائع الفنون ولولا العناية التي بذلها العلماء المتأخرون لحفظ ما تبقى من كتب السلف وآثارهم لانطمس القسم الأوفر من آثار المدنية الاسلامية.
وكان أول من صنف في غريب القرآن وعني بجمعه وترتيبه أبو سعيد أبان بن تغلب بن رباح الجريري التابعي المتوفى سنة 141 وهو من أصحاب الإمام الصادق والباقر عليهما السلام. ثم تبعه جماعة من جهابذة العلماء أفردنا قائمة بتراجمهم بعد أن تصفحنا الكثير من المراجع والمظان وهم:
محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي النسابة (1) المتوفى سنة 146.
أبو فيد مؤرج بن عمر النحوي السدوسي البصري (2) المتوفى سنة 174.
أبو جعفر محمد بن الحسن بن أبي سارة الرواسي الكوفي (3) المتوفى سنة 190.
أبو الحسن النضر بن شميل المازني البصري المتوفى سنة 203.