علومه تضمن القرآن الكريم من المعاني والبيان، والفصاحة والبلاغة، والعلوم والفنون ما كان له الأثر البالغ في نفوس المسلمين وغيرهم من أهل الملل والنحل، فمنذ أن صدع الرسول (ص) بدعوته واستمع المسلمون لباهر آياته تقاسم العلماء جهودهم في تدوين العلوم القرآنية، وصنفوا فيها الكثير من المؤلفات والموسوعات حتى تنوعت القراءات والتفاسير، وتعددت الكتب والشروح فتجاوزت المئات، ومن المعلوم التي اهتموا فيها وبالغوا في المحافظة عليها علم القراءة والتجويد، وترتيب السور ونزولها، وعدد الآيات والوقوف عليها، كما عنى في أحكام القرآن ومتشابه آياته، وفي معانيه وأمثاله، ومجازه وإعجازه، وقصصه وأخباره، وحكمه ومواعظه، ولغاته وغريبه، إلى غير ذلك من العلوم والفنون في شتى المواضع والأغراض.
لغته:
اختص القرآن الكريم بلغة قريش، وقريش يومئذ من أضخم وأعظم القبائل العربية، وأكثرها زعامة وتجارة وحضارة، فلذا تضمنت لغتهم بعض الألفاظ العربية الأخرى والغير العربية انصحرت كلها في مجموع ما أنزل من كلمات القرآن ومعانيه، ولهذا الاندماج روعته في البلاغة القرآنية أدرك أثره المعاصرون لزمن الرسول (ص) وكان من العوامل المساعدة على وحدة اللغة العربية وتماسكها وبذلك يمكن تحديد زمن إزدهار اللغة العربية وتطورها مبتدأ منذ نزول القرآن حيث توحدت فيه الألفاظ العربية وتطورت مبانيها ومعانيها كما اشتذبت مفرداتها الغير مألوفة لتنافرها أو لندرة استعمالها، وفي هذا العصر طبعت العربية بطابع القرآن، واتسمت بالايجاز والاعجاز ثم تكونت بعد ذلك أنواع العلوم اللسانية حسب مقتضياتها وكان القرآن الكريم مصدرا لتلك المعارف والعلوم، والحافظ الأعظم للعربية في جميع مراحلها التاريخية.